طاقة الرياح

--
 
طاقة الرياح

البيئة والحياة :
تكنولوجيا استخدام الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية هي أسرع مصادر توليد الكهرباء الجديدة نمواً على الصعيد العالمي. ويتم إنتاج الطاقة من الرياح بواسطة محركات (أو تربينات) ذات ثلاثة أذرع تديرها الرياح توضع على قمة أبراج طويلة وتعمل كما تعمل المراوح، ولكن بطريقة عكسية فبدل استخدام الكهرباء لإنتاج الرياح كما تفعل المراوح، تقوم هذه التربينات باستعمال الرياح لإنتاج الطاقة.
وتتم العملية بأن تدير الرياح أذرع المحرك التي تدير بدورها أسطوانة العمود المتصلة بواسطة مجموعة تروس تشكل ناقل حركة لإدارة مولد كهربائي. وتستطيع التربينات الكبيرة الحجم المصممة لمؤسسات إنتاج الكهرباء للاستعمال العام، توليد ما بين 650 كيلو واط (ويعادل الكيلو واط ألف واط) و1.5 ميجاواط (والميجاواط يساوي مليون واط). وتستخدم المنازل ومحطات الاتصالات عن بعد ومضخات الماء تربيناً واحداً صغيراً لا يزيد إنتاجه عن 100 كيلو واط كمصدر لطاقتها، خاصة في المناطق النائية التي لا توجد فيها شركات توليد وتوزيع طاقة للاستعمال العام.
ويتم في معامل الرياح وصل التربينات ببعضها بعضاً لتوليد الكهرباء للشبكة العامة. ويُرسل التيار الكهربائي إلى المستهلكين عبر خطوط إرسال وتوزيع.
ومن أهداف برنامج الرياح زيادة تخفيض تكلفة إنتاج الطاقة من الرياح على صعيد الإنتاج الضخم للاستخدام العام، حيث تصل إلى ثلاثة سنتات للكيلو واط ساعة في المواقع البرية ذات الرياح أو الرياح البطيئة، وإلى خمسة سنتات للكيلو واط ساعة للمواقع الموجودة بعيداً عن الشاطئ (في المحيط). ويعتبر الموقع ”موقعاً ذا هواء بطيء” إذا بلغ المعدل السنوي لسرعة الرياح فيه لدى قياسها على ارتفاع عشرة أمتار عن سطح الأرض 13 ميلاً في الساعة.
ولتحقيق هذا الهدف وغيره من الأهداف يعمل مختبران رئيسيان من مختبرات وزارة الطاقة الأمريكية هما المختبر القومي للطاقة المتجددة في كولورادو ومختبر سانديا القومي في نيو مكسيكو، مع شركاء من قطاع صناعة الطاقة من الرياح وبحاثة جامعيين في مختلف أنحاء البلاد لدفع عجلة تكنولوجيا الطاقة المولدة من الرياح إلى حد أكبر. ولكل من المختبرين مهارات وقدرات فذة يتفرد بها لسد احتياجات الصناعة.
وبفضل مثل نشاطات الأبحاث والتطوير هذه ازدادت القدرة العالمية على إنتاج الطاقة من الرياح خلال السنوات العشر الماضية من 3.5 ألف مليون واط في عام 1994 إلى نحو 50 ألف مليون واط في نهاية عام 2004- أي أنها أصبحت أكثر من عشرة أضعاف ما كانت عليه. وازدادت الطاقة الكهربائية المنتجة من الرياح في الولايات المتحدة من 1600 ميجاواط في عام 1994 إلى أكثر من 6700 ميجاواط بحلول نهاية عام 2004، أي إلى أكثر من أربعة أضعاف ما كانت عليه. وهي زيادة كانت كافية لتزويد أكثر من 1.6 مليون منزل بالطاقة الكهربائية.
وقد حققت صناعة الرياح نمواً استثنائياً خلال العقد الماضي بفضل سياسات الحكومة الداعمة لها، وبفضل عمل البحاثة في برنامج الرياح التابع لوزارة الطاقة، بالتعاون مع شركاء من قطاع صناعة توليد الطاقة من الرياح، على تطوير تكنولوجيا مبتكرة تخفض التكلفة، وتشجع نمو السوق، وتحدد مجالات استخدام جديدة للطاقة المنتجة من الرياح.
وأسفر العمل الذي تم القيام به ضمن مشاريع برنامج الرياح التابع لوزارة الطاقة الأمريكية من عام 1994 حتى عام 2004 عن تصاميم مبتكرة وتربينات أكبر حجماً وفعالية أدت إلى تخفيض دراماتيكي في التكلفة. ورغم أن ما تحقق من تخفيض في تكاليف الإنتاج يبعث على الإعجاب، إلا أن سعر الطاقة الكهربائية المنتجة من الرياح لا يستطيع حتى الآن منافسة أسعار الكهرباء المنتجة من الوقود الأحفوري. ويعتقد الباحثون أنه سيكون من الضروري التوصل إلى تحسينات تكنولوجية جديدة لتقليص تكلفة إنتاج الكهرباء من الرياح بنسبة 30 في المئة أخرى كي تتمكن من منافسة تكنولوجيا إنتاج الكهرباء المستهلكة للوقود.
ويعمل فريق ”تزويد أمريكا بالطاقة الكهربائية من الرياح” التابع لوزارة الطاقة الأمريكية مع شركاء من هذه الصناعة على توفير دعم الولايات لها والتوصل إلى شراكات مع شركات توليد وتوزيع الطاقة للاستعمال العام والقيام ببرامج تواصل ووضع آليات سوق مبتكرة لدعم استخدام أنظمة هوائية على النطاقين الواسع والمحدود، وذلك بهدف تشجيع نمو السوق من خلال زيادة تقبل المواطنين في مختلف أنحاء البلاد لاستخدام تكنولوجيا الرياح.
وتشتمل استراتيجية الفريق الرامية إلى زيادة تقبل تكنولوجيا الرياح على نشاطات إعلامية شاملة لتثقيف الجماهير المختلفة بشكل أفضل حول فوائد هذه التكنولوجيا. وقد أقام أعضاء الفريق في عام 2004 معارض في 36 نشاطاً نُظمت في 20 ولاية ووزعوا، خلال نشاطات مختلفة، 43 ألف نسخة من مطبوعات أصدرها الفريق لمجموعات تعمل في الولايات على إنتاج الطاقة من الرياح.
وفي حين تنتج تربينات الرياح المقامة في عرض البحر في أوروبا نحو 600 ميجاواط، إلا أنه لم يتم حتى الآن إقامة أي تربينات في مياه يزيد عمقها عن 20 متراً.
ويدرس برنامج الرياح حالياً الكيفية التي يمكن بها للهواء والماء العمل معاً لتوفير إمدادات أكثر استقراراً من الكهرباء والمياه العذبة فندرة المياه العذبة مشكلة عالمية متعاظمة. وتقول الأمم المتحدة إن سكان العالم الذين يتزايد عددهم بشكل مستمر سيحتاجون إلى آلاف الملايين من الأمتار المكعبة الإضافية من الماء العذب يومياً بحلول عام 2025. وتقدر كمية المياه التي يستطيع العالم تحليتها يومياً في الوقت الحاضر بنحو 28 مليون متر مكعب يومياً.
ومن الحلول المهمة لأزمة ندرة المياه تحلية مياه المحيطات المالحة المتوافرة بشكل وافر، ولكن عملية تحليتها تتم من خلال تكنولوجيا تستهلك كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية وتزيد تكلفتها عن منفعتها في كثير من المناطق. وتعتبر طريقة التناضح (الأزموزية) العكسي أكثر تكنولوجيات تحلية المياه فعالية كهربائية، وهي تستهلك ثلاثة إلى ثمانية كيلو واط ساعة لكل متر مكعب واحد من الماء العذب.
والتناضح العكسي هو أسلوب لإنتاج المياه النقية عن طريق دفع المياه المالحة عبر غشاء شبه قابل للنفاذ منه (أي يسمح بنفاذ بعض الجزيئات عبره ولكن ليس جميعها) لا يمكن للملح النفاذ عبره.
ورغم فعالية أسلوب التناضح العكسي العالية، فإن ما يستهلك من الطاقة الكهربائية فيه يشكل نحو 40 في المائة من مجمل تكلفة تحلية المياه. ومن الضروري، من منظور التكاليف والبيئة، التوصل إلى مصادر طاقة بديلة نظيفة للتوصل إلى حل رخيص لمسألة تحلية المياه.
والطاقة المنتجة من الرياح هي مصدر الطاقة المتجددة الأقل تكلفة والأكثر تبشيراً بالنجاح مقارنة بجميع المصادر الأخرى، ولكن طبيعته المتنوعة ـــ أي لأن الرياح لا تهب دوما ـــ تجعل قيام البحاثة بتحديد ما سيكون له من تأثير في أنظمة تحلية المياه وعمليات إنتاجها أمراً ضرورياً.
وقد مول برنامج الرياح التابع لوزارة الطاقة الأمريكية في عام 2004 دراسة لتصاميم مقترحة لنظام مدمج متكامل لإنتاج الكهرباء من الرياح وتحلية المياه. ويعكف المشروع على تقصي الأفكار الخاصة بالرياح والتحلية، وتحديد القضايا التقنية، وتحري إمكانات تطبيق أفكار بديلة، وتقييم صلاحيتها من الناحية الاقتصادية.
كما يقوم برنامج الرياح بإجراء بحوث حول الفوائد المحتملة، التي يمكن أن تنجم عن الجمع بين إنتاج الطاقة الكهربائية من الرياح وإنتاجها من الماء، أي عن طريق استخدام طاقة المياه الجارية بسرعة أو المتدفقة، وذلك بهدف توفير إمدادات ثابتة من التيار الكهربائي إلى شبكة توزيع الكهرباء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق